ويقول أيضاً: "من خصائص الإلهية: الكمال المطلق من جميع الوجوه".
كثيراً ما تثار هذه الأسئلة: هل أسماء الله سبحانه وتعالى توقيفية أم غير توقيفية؟ هل نطلق هذا الوصف أو لا نطلقه؟
والقاعدة هي أن ما كان كمالاً لا نقص فيه بوجه من الوجوه فإنه ثابت من باب أولى، وقد تقدم هذا عندما تعرضنا لمعنى (المثل الأعلى) في قوله تعالى: ((وَلِلَّهِ الْمَثَلُ الأَعْلَى))[النحل:60].
المثل الأعلى: الكمال المطلق الذي لا يشوبه نقص بأي وجه من الوجوه.
ولنأخذ بعض الأمثلة:
· العلم: فالمثل الأعلى في العلم لله، فله العلم المطلق الذي لا يعتريه الجهل بأي شكل من الأشكال.
· القدرة: المثل الأعلى فيها لله، وهي القدرة المطلقة بحيث لا يعجزه شيء في الأرض ولا في السماء، ولا يملك هذا إلا الله وحده.
وكذلك الحكمة والعزة والتدبير.. ففي كل شيء له المثل الأعلى، "الكمال المطلق من جميع الوجوه الذي لا نقص فيه بوجه من الوجوه، وذلك يوجب أن تكون العبادة كلها لله وحده، والتعظيم والإجلال والخشية والدعاء والرجاء والإنابة والتوبة والتوكل والاستعانة".
كل أنواع العبادة تكون لله وحده؛ لأنه وحده الذي يملك هذا الكمال المطلق، ويكون له الأمران المهمان اللذان هما سبب إيراد هذا الموضوع في شرح العقيدة وهما: "غاية الذل مع غاية الحب" هكذا لابد أن يجتمعا.
يقول: "كل ذلك يجب عقلاً وشرعاً وفطرة أن يكون له وحده، ويمنع عقلاً وفطرة أن يكون لغيره"، وهذا احتراز من كلام بعض أهل البدع الذي يدل على أنه لا يجب إفراد العبادة لله إلا في الشرع، نعم، فنحن ما عرفنا التقسيم إلا من الشرع، لكن العقل يدل عليه جملة، والفطرة تدل عليه جملة، وإنما تفصيله وبيانه يأتي في الشرع بواسطة الوحي، ومن زعم أن وجوب ذلك بدلالة الشرع فقط، فقد غلط غلطاً عظيماً، وهذا ما سيوضحه رحمه الله.
إذاً: يقول: "فمن جعل شيئاً من ذلك لغيره فقد شبه ذلك الغير بمن لا شبيه لا ولا ند له، وذلك أقبح التشبيه وأبطله" من جعل العبادة والرجاء والتعظيم والذل والخضوع لغير الله فقد شبه ذلك الغير بمن لا شبيه له سبحانه.
ومن خلال هذا الكلام خطر الشرك! فلو قيل: حتى لو جعل ذلك الدعاء والرجاء والخوف والرغبة والتعظيم لنبي من الأنبياء أو لملك من الملائكة؟ لقلنا: نعم.. حتى لو جعل ذلك لرسول الله صلى الله عليه وسلم؛ فيكون أيضاً شركاً وتشبيهاً، ومن الناس من يفعل ذلك، ولا يدري أن هذا من الشرك، وأن أعظم من أبطله هو رسول الله صلى الله عليه وسلم.
فالشرك باطل بأي وجه من الوجوه، وأعظم ما جاء النبي صلى الله عليه وسلم بمحاربته هو الشرك وإن كان متعلقاً بذاته.
وقال رحمه الله: "ولشدة قبحه وتضمنه غاية الظلم أخبر سبحانه عباده أنه لا يغفره، مع أنه كتب على نفسه الرحمة".